إنَّ المربي الإسلامي يلزم الوالدين بأنواع من أساليب التعامل ، موزَّعة على مراحل ثلاث من حياة الأبناء ، وينبغي للوالدين معرفة وتوفير حاجات الأبناء في كل مرحلة ، وهي باختصار كالآتي :
المرحلة الأولى :
وفي هذه المرحلة ينبغي على الوالدين التعامل مع الطفل على أساس حاجته التي تتميَّز بما يلي : اللعب ، السيادة ، وكما جاء في النصوص الشريفة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( الولَدُ سَيِّد سَبْع سِنين ) .
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( دَعْ ابْنَكَ يَلْعَبُ سَبْعَ سِنِين ) ، وعنه ( عليه السلام ) أيضاً : ( أهْمِلْ صَبيَّكَ تَأتي عَلَيهِ سِت سِنِينٍ ) .
ولعب الطفل التي تتحدث عنه الرواية تعني عدم إلزامه بالعمل فيما يتعلم من والديه ، وسيادته تعني قبول أوامره دون الائتمار بما يطلبه الوالدان ، أما إهماله فهو النهي عن عقوبته ، فهذه المرحلة تكون نفسية الطفل بيد والديه ، كالأرض الخصبة بيد الفلاح ، تتلقف كل ما يبذر فيها من خير أو شرٍّ ، ففي الحديث الشريف : ( قَلْبُ الحَدَثِ كالأرْضِ الخَالِيَةِ ، مَا أُلقِيَ فِيهَا مِنْ شَيءٍ قَبِلَتْهُ ) .
المرحلة الثانية :
وفي هذه المرحلة يجدُر بالوالدين التعامل مع الطفل على أساس ما يلي : عبودية الطفل ، أدب الطفل ، فقد جاء عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( الولَدُ سيِّد سَبع سِنين ، وعَبْد سَبْع سِنين ) .
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( دَع ابْنَكَ يَلعَبُ سَبْع سِنين ويُؤَدَّبُ سَبعاً ) ، وعنه ( عليه السلام ) أيضاً : ( أهمِلْ صَبيَّكَ تَأتي عَلَيهِ سِت سِنين ، ثُمَّ أدِّبْه في سِت سِنين ) .
فعبوديَّة الطفل تعني طاعة والديه فيما تعلَّم منهم في المرحلة الأولى ، وأدبه تعني التزامه بالنظام وتحمُّله للمسؤولية ، وهذه المرحلة بالنسبة للوالدين تشبه عند الفلاح وقت نمو الزرع الذي بذره وظهور الثمر .
المرحلة الثالثة :
تختلف هذه المرحلة عن الثانية في أنَّ الأبناء أصبحوا في المستوى الذي يؤهلهم لاتِّخاذ مناصبهم في الأسرة ، فالولد - ذكر أو أنثى - في هذه المرحلة يكون وزيراً لوالديه ، ومستشاراً لهم ، فقد جاء عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( الوَلَدُ سَيِّد سَبع سِنِين ، وعَبْد سَبع سِنِين ، وَوَزير سَبع سِنين ) .
وعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( دَع ابْنَكَ يَلعَبُ سَبْع سِنين ، ويُؤدَّبُ سَبعاً ، وألْزِمْهُ نَفسَكَ سَبع سِنِين ، فإنْ أفْلَحَ وَإلاَّ فَإنَّه لا خَيْرَ فِيهِ ) .
وعنه أيضاً ( عليه السلام ) : ( أهمِلْ صَبيَّكَ تَأتي عَلَيه سِت سِنِين ثُمَّ أدِّبْهُ فِي الكِتَابِ سِت سِنين ، ثُمَّ ضُمَّهُ إليكَ سَبْعَ سِنين ، فأدِّبْهُ بِأدَبِكَ ، فإنْ قبلَ وصلحَ وَإلاَّ فَخَلِّ عَنْهُ ) ، ففي هذه المرحلة يكون الولد كالنبات الذي حان وقت قطف ثماره ، فهو وزير لوالديه كالثمر للفلاَّح ، ووزير الملك الذي يحمل ثقله ويعينه برأيه .
ولقد دعا النبي موسى ( عليه السلام ) ربَّه أن يكون له وزير في مهمَّته الصعبة : ( وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي ) طه : 29 .
ثم إنَّ إلزام الوالدين للولد في هذه المرحلة وضمُّه إليهما كما جاء في النصوص الشريفة تعني كونه مستشاراً لهم ، الأمر الذي يفترض قربَه ودنوَّه من والديه ، أمَّا إن كان الولد في هذه المرحلة غير مؤهَّل لهذا المنصب في الوزارة والاستشارة فهذا يرجع إلى سوءِ التعامل معه في الصغر .
فعدم وجود الثمرة يرجع إلى البذرة لا إلى التربة الخصبة ، كذلك نفسية الطفل التي تنبت ما بذر فيها ، ولا عِلاج لهذه الثمرة الرديئة ، ولا ينفع الأدب معها ، وهو ما تشير إليه الرواية : ( فَخَلِّ سَبِيلَهُ ) ، أو ( فَإِنَّهُ لا خَيْرَ فِيهِ ) .